هذي قصة حقيقية
على الرغم من مرض ابنها الفتاك إلا أن الحاجة زينات زعرب (60) عامًا زينت جدران منزلها في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، استعدادًا لاستقبال ابنها الأسير المفرج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى، بعد أن عاشت حياة بؤس مستمرة خشية من أن يفتك مرض السرطان بابنها.
وبين عشية وضحاها تحولت جدران المنزل المهترئة إلى فضاءات من الزهور الملتفة، فور الإعلان عن إتمام صفقة التبادل مع الاحتلال الإسرائيلي ومبادلة الجندي جلعاد شاليط بألف أسير أغلبهم من أصحاب المحكوميات العالية.
وأوضحت والدة الأسير زعرب أنه وبعد الكشف عن إتمام صفقة الجندي جلعاد شاليط ونشر أسماء الأسرى المنوي الإفراج عنهم، خرجت للسؤال والتأكد من شمول الصفقة لفلذة كبدها المريض وبعد اليقين بأن ساعة اللقاء اقتربت، افترشت الأم الأرض أمام منزلها لحين عودة ابنها.
حرمان قديم
وتقول الحاجة زينات: "حرمني هذا الاحتلال من أبنائي الأربعة أولهم عز الدين الذي قبع في السجون عشر سنوات، وفخري لثلاث، وهاني خمس، وآخرهم عماد الطفل الذي تم اعتقاله وهو في عمر (16) عامًا أي هو طفل لا يحق لهم أن يعتقلوه حسب قوانينهم التي يتغنون بها ويطالبون الشعب الفلسطيني باحترامه (..) عجبًا لهذا الاحتلال!".
وتضيف: "بعد اعتقال عماد بأربع سنوات بدأت صحته تتدهور شيئًا فشيئًا، وخسر من جسده 30 كيلو وأصبح هزيلاً لا يقدر على الحركة، ومع كل هذه الأعراض لم يتدخل أعداء الإنسانية لمجرد فحصه أو لتشخيص نوع المرض التي سيقضي عليه، ولكن بعد رسائل وصلتنا عبر الصليب الأحمر من أصدقائه بالسجن، تحركنا من الخارج وراسلنا جميع المؤسسات الدولية كأطباء بلا حدود، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لمعرفة ما يجري مع ابني بداخل سجنه".
وتتابع: "بعد الضغط من قبل المؤسسات الدولية سمحت إدارة السجن بترحيل عماد إلى المستشفى وتشخيصه ولكن من دون فائدة فلا يوجد بالمستشفى الكادر الطبي القادر على اكتشاف هذا المرض، وتم تشخيصه بأن المرض الذي أصاب ابني اسمه " كومارو" هو ياباني، الأمر الذي زادنا خوفاً وقلقاً على عماد بسبب اسم المرض الغريب علينا".
وتضيف: "بعد تدهور الحالة الصحية له تم جلب طبيب متخصص اكتشف أن عماد يحمل مرض السرطان من سنوات، وعلمنا بذلك من خلال إحدى وسائل الإعلام المحلية كانت لها مقابلة مع أحد رجال الصليب الأحمر، بعد هذه الخبرية لم أتمن أن أسمعها خصوصا أن ابني محكوم بالمؤبدات وعندما يكون حاملاً لمرض مخيف وسنوات من السجون بالانتظار أفقدني الأمل بأني سأرى عماد مرة أخرى".
وتؤكد الحاجة زينات أن إدارة مصلحة السجون لم تهتم بعماد خلال مرضه الذي يحتاج إلى رعاية كبيرة ومن قبل أطباء متخصصين وأدوية خاصة، ولكن كان الإهمال المتعمد من قبل السجانين لعماد الأمر الذي زاد من مرضه وباعد فرص علاجه أو تحسنه.
جاء الفرج
وتقول والدة عماد: "مر على سجن ابني عشرون سنة ، كانت هي الأصعب في حياتي حيث فقدت زوجي وابني بالسجن، وكان أبنائي رهناً للاعتقال من قبل الاحتلال، ناهيك عن حالات التفكير التي أمرضتني وأنهكت صحتي من خوفي عليه من هذا المرض اللعين الذي في كل يوم أتخيل أن عماد لن يعود إلي غانمًا".
وبعد الحديث عن هذه السنوات المريرة تغيرت فجأة نبرة أم عماد وبدأت تتحدث عن لحظات الاستقبال والفرح وكيف سترى ابنها بعد عشرين سنة، وتقول: "في ليلة كنت جالسة في غرفتي وإذا بأحد أبنائي يقبلني ويحكي زغردي يا أمي عماد راح يروح من السجن هاليومين، وعند سماعي قوله، لم تتسع الدنيا فرحتي بهذه الخبرية التي كنت انتظرها من سنوات بفارغ الصبر".
وحسب أم عماد ففرحتها بابنها منقوصة لأنه يحتاج إلى علاج من مرض السرطان الذي تفشى بدمه، ولم يطرق أحد بيتها لتغطية علاج عماد أو الاستعداد بإخراجه إلى الخارج للعلاج وتخفيف حدة هذه المرض القاتل.
ووجهت أم عماد تحياتها للمقاومة الفلسطينية التي أصرت على شروطها في إخراج الأسرى المرضى وأصحاب المحكوميات العالية من المؤبدات, وإذلال الاحتلال الإسرائيلي الذي طالما فرض آراءه ومعاهداته الظالمة على الشعب الفلسطيني.
المصدر: صحيفة فلسطين