هاج به الشوق ذات ليلٍ , فخرج ميممآً دارها , مثل ذئب يتبع عطر قرينته , يجد في السعي ويلهج باسمها ’ ويتهدج
بآخر ما قاله فيها , يتلو صلاةً , كمن يقصد الفجر قبل أوانه , وأخذ يطوف حول خباء المحبوبة حتى استفرد بكوّةٍ
تفتحها له كلما حنّت إليه , فدفع خرقة الكوّة وكانت ذراعاها في لهفة , وهمس لها أن تقول له الكلام , ارتعشت أعضاؤها
تنثر كبدآ فراها العشق وصعد منها الزفير الأعظم , امتدت له كالجسر , وسمع في جسدها غرغرة زجاجةٍ تمنح ماءها
, فكان لها الإناء تسكب ويشرب ! وكلما قال لها زيدي تزيد , وعرقها ينفصد , والخباء تنداح أستاره وأسنحته مثل ريح
وهو يقول : زيدي وتزيد , والعرق بينهما ينضح , وأوتاد الخباء تتأرجح مثل إعصار , يتشبث بالمزق لئلا تنهار , وهو
في حال الإناء , يفيض وستفيض , والزبد يجلل أعطافهما , فتصيبهما الإنتحابة , فتكون قالت له الكلام كله , وقد سمعه ,
ويكون نال متعهةً يغتر بها العاشق , وتاجآ تتيه به الملوك , ثم قالت له : ( وأنت , ماذا تقول في هذا الليل الذي يطول ؟)
فقال لها : الحب
وكان أول عاشق يكتشف هذه الكلمة , وقيل اخترعها , وذهبت في لغة العرب دالة على وصف مالا يوصف من خوالج الناس ,
ولم يدركوا كلمة بعدها على هذا القدر من الجمال , أما هي فإنها بعد أن سمعت الكلمة أُغشي عليها !
ويروى أن اسمها امتزج بليل المحبين الذي يطول ’ فتتأجج فيه شهوة العشاق , ويتفجر جنونهم
وقيل انه ليل لا نهاية له فذهبت ليلى مثلآ أكثر مما ذهب هو فهل عرفته ؟ إنه قيس